أهلاً بكم في عيادتي .. سنشرح لكم هنا عن داء كرونز من حيث أسبابه، وأنواعه وأعراضه، وكيفية تشخيصه وعلاجه.
ما هو داء كرونز ؟
يندرج داء كرونز تحت مجموعة من الأمراض التي نطلق عليها جميعها اسم (أمراض الأمعاء الالتهابية)، وعادةً ما تكون هذه الحالات مزمنة و في حالة داء كرونز ناتجة من التهاب أي جزئ من الجهاز الهضمي ولكن يتركز في الأمعاء الدقيقة و القولون.
في داء كرونز، يعاني المريض من نوبات متكررة من ألم البطن مع إسهال قد يصاحبه نزيف شرجي ونزول في الوزن بسبب تهيّج مناطق متفرقة من الأمعاء الدقيقة والقولون، وعلى الرغم من أن المرض مزمن إلا أن أعراضه و نشاطه يستجيبان للعلاج بحيث يمكن للمريض أن يعيش حياة طبيعيّة.
يصيب مرض كرونز الرجال والنساء والأطفال على حد سواء وفي أي عمر ولكنه يشيع في سن الشباب؛ أي بين عمر عشرين إلى ثلاثين سنة وقد تكون أعراضه مزعجة ومتعبة للمريض بحث تمنعه من ممارسة حياته الطبيعية ما لم يتم السيطرة عليها بالعلاج المناسب والمتابعة.
أعراض داء كرونز
يعاني المصابون من فترات من الأعراض الشديدة تليها فترات من الأعراض الخفيفة وأحيانًا قد لا يعاني المريض من اعراض تذكر، ويمكن أن تستمر فترة الاستقرار هذه لشهور وأحيانًا سنوات. هناك تفاوت كبير في شكل داء كرون بين المرضى؛ فعند بعض المصابين، يبدأ المرض تدريجيًا بينما يحدث بشكل مفاجئ عند مرضى آخرين.
في الفترات التي تتهيج فيها الأمعاء، يعاني المريض من أعراض متعددة تتراوح بين خفيفة إلى شديدة مثل:
- ألم في البطن
- إسهال مزمن
- الشعور بالشبع وامتلاء البطن
- ظهور بعض العلامات على الجلد
- ارتفاع درجة حرارة الجسم
- فقدان الشهية
- التهاب المفاصل
أسباب داء كرونز
لا يوجد سبب معروف حتى الآن لهذا المرض ولكن العوامل التالية قد تزيد من خطر الإصابة فيه وتشمل:
- أمراض المناعة الذاتية: عند إصابة الجهاز الهضمي بالتهاب معين، قد يحدث خلل في الجهاز المناعي يدفعه لمهاجمة الخلايا السليمة في الجهاز الهضمي بدلًا من مهاجمة الميكروبات الضارة وهذا ما يسبب تهيّج الأمعاء
- الجينات والعوامل الوراثية: هناك قابلية في بعض العائلات للإصابة بمرض كرون بسبب خلل جيني متوارث
- التدخين: وهو من أكثر العوامل التي تزيد من الأعراض سوءًا
اماكن الإصابة
يمكن أن يؤثر هذا المرض على أجزاء متفرقة من الجهاز الهضمي مثل الأمعاء الدقيقة أو الأمعاء الغليظة (القولون) وهو النوع الذي نراه عند أغلب المرضى، أو قد يشمل الأمعاء الدقيقة فقط أو تكون الإصابة في المعدة والإثني عشر.
التشخيص
عادةً ما يزور المريض العيادة بسبب انزعاجه من الإسهال المستمر وألم البطن ونزول الوزن غير المبرر، ونبدأ التشخيص بدراسة السيرة المرضية خاصةً من حيث إصابة أحد الوالدين أو الأقرباء من الدرجة الأولى بمرض كرون كونه يسري في بعض العائلات.
لتأكيد التشخيص، نطلب إجراء الفحوصات التالية:
- فحص الدم: يعكس الارتفاع في خلايا الدم البيضاء وجود التهاب في الجسم، بينما يدل انخفاض خلايا الدم الحمراء إلى وجود مشكلة فقر الدم التي يعاني منها الكثير من المصابين بمرض كرونز بسبب انخفاض قدرة الأمعاء على امتصاص الحديد ونزيف الأمعاء المزمن.
- تحليل البراز: عندما يشتكي المريض من الإسهال المزمن، يساعدنا فحص البراز على استبعاد الإصابة بالتهاب الأمعاء البكتيري و هناك إختبار في البراز للتأكد من وجود الإلتهاب يدعى بالكالبروتكتن و يستخدم أيضاً في متابعة نشاط المرض و استجاته للأدوية.
- صورة أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي للأمعاء: يظهر فيها تهيّج الأمعاء و مكان إصابتها ومدى شدة الالتهاب وإذا حدث ثقب في الأمعاء أو خراج في البطن.
- تنظير القولون: وهو الأهم حيث يساعدنا في رؤية الأمعاء المتهيّجة ونحصل من خلاله على خزعة من الامعاء لدراستها تحت المجهر لإثبات الإصابة
وقد نحتاج لفحوصات تشخيصية أخرى تبعًا لحالة المريض….
مضاعفات داء كرونز
إذا تُرك دون تشخيص وعلاج، قد يسبب هذا المرض عددًا من التبعات على الصحة مثل:
- تكوّن خراجات في البطن: (تجمعات للصديد) في البطن بسبب الالتهاب المزمن
- التهابات المنطقة الشرجيّة: والتي تظهر كشروخ شرجية أو الناسور او خراجات وما يصاحبها من ألم وحكة ونزيف
- انسداد الأمعاء: ويحدث نتيجة الالتهاب المصاحب لداء كرون وينتج عنه تكوّن نسيج ليفي يحل محل الخلايا المتضررة وقد يسّد هذا النسيج الأمعاء جزئيًا أو كليًا. بعضها يستجيب للأدوية أو يحتاج علاجه لعملية جراحية
الإصابة بقرحة المعدة أو المستقيم - سوء التغذية: بسبب عدم قدرة المريض على تناول الطعام بشكل طبيعي وشعوره بالشبع وإصابته بالإسهال المزمن
- سرطان القولون: وهو أحد الأمراض التي تزداد احتمالية الإصابة بها بوجود داء كرون بعد سنوات بدون تحكم.
طرق العلاج
يهدف العلاج للتحكم بالأعراض والسيطرة عليها والتقليل من حدوث المضاعفات المترتبة على الإصابة بالمرض، وتتوفر العديد من الوسائل العلاجية الفعالة لتحقيق ذلك مثل:
- الكورتيزون ومشتقاته: وهو خيار نلجأ له كحل مؤقت و سريع إلى أن تعمل أدوية أخرى. ويشمل أدوية الكورتيزون والبريدنيزون التي تعمل على تخفيف الالتهاب في الأمعاء ونفضّل استخدمها لمدة لا تزيد عن أربع أشهر في كل مرة. مشكلتها ان لها مضاعفات على الجسم ككل لذلك لا ينصح بإستمرارها لمدّة طويلة.
هناك انواع أخرى من مشتقات الكوتيزون يتركز تأثيرها على الأمعاء لذلك مضاعفاتها اقل بكثير مثل (البدوسينايد)
- المضادات الحيوية: تساعد هذه الفئة من الأدوية على علاج الالتهابات و الخرّاج مثل سيبروفلوكساسين وميترونيدازول.
- الأدوية المضادة للإسهال: يمكن علاج الإسهال الخفيف والمتوسط بالمكملات الغذائية التي تحتوي على الألياف مثل السيليوم، أما دواء لوبراميد فهو الأفضل في إيقاف الإسهال الشديد ويحسّن من نوعية الحياة عند المريض وقدرته على ممارسة أنشطته اليومية دون القلق بشأن الإسهال
- مثبطات المناعة: مثل دواء (اميوران) وهو يقلل تكاثر الخلايا خاصّة المناعيّة لذلك يستخدم لفرتات طويلة لإبقاء المرض خامل وتحتاج لتحليل الدم بإنتظام لمراقبة عدد الخلايا في الدم.
- الأدوية البيولوجية: وهي عبارة عم اجسام مضادّة او مركبات صغيرة مصنعة تقوم بتثبيط أجزاء محددة من الجهاز المناعي فقط مما يقلل من الإلتهابات دون تثبيط المناعة بشكل كبير.
الجراحة
مع تطور العلاجات الحديثة اصبح اللجوء للجراحة قليل نظرًا للسيطرة الفعالة على المرض.
ونلجأ لها فقط في الحالات التالية:
- مرض شديد والتهابات لا تستجيب لأي من العلاجات السابقة مما يؤثر على حياة المريض بشكل كبير.
- علاج مضاعفات مرض كرون مثل:
- إصلاح الناسور والشروخ الشرجية العميقة
- انسداد الأمعاء المزمن او الذي لا يستجيب للأدوية
مشكلة الجراحة في مرض كرونز انها لا تعالج المرض بشكل نهائي، وقد يضطر العديد من المرضى لتكرارها بعد فترة من الزمن لعودة الإلتهاب في مكان آخر. لذلك لا ننصح بها كعلاج أولي وفي حال كان هناك ضرورة لإجراءاها، يجب المواظبة على العلاج الدوائي بعد العملية للسيطرة على المرض.
المسار الطبيعي للمرض
يتمتع معظم المصابين بداء كرون. بحياة صحية ونشيطة، وعلى الرغم من عدم وجود علاج جذري للمرض إلا أن الأدوية المتوفرة حالياً وتغيير نمط الحياة يمكن أن يبقي المرض في حالة هدوء ويمنع حدوث مضاعفات.
– د. ماجد الماضي
استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير
