- د. ماجد الماضي
- 0 Comments
أهلاً بكم في عيادتي، سأتحدث معكم اليوم عن موضوع “التهاب القولون التقرحي” من حيث تعريفه، وأعراضه، وطرق تشخيصه، والوقاية منه، وعلاجه.
يعتبر التهاب القولون التقرحي هو أحد أنواع أمراض الأمعاء الالتهابية التي تصيب الجهاز الهضمي بشكل عام، و عادةً ما تبدأ الإصابة من المستقيم ثم إلى الأعلى نحو القولون، حيث تتكوّن التهابات وتقرحات بالطبقة المبطنة لهذه الأجزاء مما يؤدي إلى ظهور أعراض مرضية كالألم والنزيف الشرجي، والإفرازات الصديدية.
قد يحدث التهاب القولون التقرحي في أي عمر، ولكن عادة ما يتم تشخيصه ما بين الـ 15-30 سنة من العمر، وقد يبدأ أيضًا بعد عمر الخمسين.
الأعراض الشائعة
يمر المصابون بالتهاب القولون التقرحي بمرحلتين وهما: مرحلة تتسم بأعراض مرضية بسيطة، أو دون أي أعراض وتسمى هذه المرحلة ” مرحلة الخمود”، والمرحلة الأخرى هي رجوع الأعراض بقوة وتسمى “مرحلة الاحتدام أو النشاط”، وتشمل هذه الأعراض ما يلي:
- إسهال دموي: أي براز سائل يصاحبه خروج دم، و يعد الإسهال من أكثر أعراض التهاب القولون التقرحي شيوعًا
- كثرة التبرز: نتيجة حركة الأمعاء بشكل أكثر من المعتاد، ويؤدي التهاب المستقيم بالإحساس بالرغبة في الإخراج بالرغم من عدم وجو كميّة كافية من البراز
- آلام بالبطن، والمستقيم: نتيجة الإلتهابات و التقرحات
- صدور أصوات من البطن بشكل متكرر
- فقدان الوزن
أعراض أقل شيوعًا
- غثيان
- فقدان الشهية والتعب المزمن
- التهابات الجلد: حيث يُصاحب التهاب القولون التقرحي حدوث التهابات أخرى بمناطق مختلفة من الجسم كالجلد، ومن أكثر هذه الالتهابات الجلدية شيوعًا هو التهاب الخلايا الدهنية تحت الجلد
- التهابات العين
المضاعفات المصاحبة
آلام وتورّم المفاصل: من أكثر المضاعفات شيوعًا، وتحدث نتيجة بعض الأسباب الوراثية التي تجعل الأشخاص المصابين بالتهاب القولون التقرحي أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل
أورام القولون: وهي نادرة، حيث قد يتسبب الالتهاب المزمن للقولون والمستقيم في زيادة احتمالية الإصابة بأورام القولون والمستقيم، لذلك يلزم المتابعة المستمرة معنا للكشف المبكر عن هذه الأورام
الجفاف الشديد: وذلك نتيجة الإسهال الشديد في بعض الأحيان
ثقب في القولون: نتيجة ضعف جدار القولون وتقرحه من الالتهابات المزمنة
المسببات وعوامل الخطر
لم يتوصل العلماء حتى الآن إلى سبب محدد لالتهاب القولون التقرحي، ولكنه يُصنف كمرض مناعي وراثي حيث يستجيب الجهاز المناعي بصورة خاطئة تجاه بعض المؤثرات البيئية، والإصابة ببعض الفيروسات والبكتريا، وذلك بمهاجمة خلايا القولون والمستقيم مما يسبب التهابات وتقرحات.
هناك بعض عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب القولون التقرحي كالآتي:
عوامل مناعية: إذا كنت مصابًا بأحد الأمراض المناعية، فقد ترتفع لديك احتمالية الإصابة بمرض مناعي آخر كالتهاب القولون التقرحي
أسباب وراثية: وجدت بعض الطفرات الجينية في الأفراد المصابين بالتهاب القولون التقرحي، مما يزيد من احتمالية كونه مرض وراثي ينتشر في بعض الأسر
أسباب بيئية: كالإصابة ببعض البكتيريا والفيروسات مما يحفز استجابة الجهاز المناعي بالجسم بصورة مفرطة
أنواع التهاب القولون التقرحي
ينقسم التهاب القولون التقرحي إلى عدة أنواع بحسب مكان الالتهاب كالآتي:
التهاب المستقيم التقرحي: وهو التهاب الجزء الأخير من الأمعاء قبل فتحة الشرج، وهو من أبسط أشكال التهاب القولون التقرحي
التهاب الجانب الأيسر من القولون: ويشمل التهاب المستقيم، والجزء الأيسر من القولون ( القولون النازل، والملتوي)، وقد يشمل فقط التهاب المستقيم والقولون الملتوي
الالتهاب الكلي للقولون: وعادة يكون الالتهاب ما امتد بعد القولون النازل.
التشخيص
بجانب الأعراض والعلامات المرضية، قد نطلب الخضوع إلى الفحوصات الآتية لتأكيد التشخيص:
تحليل الدم: من أهم التحاليل المستخدمة في تشخيص التهاب القولون التقرحي حيث يساعدنا فيما يلي:
الكشف عن وجود أنيميا نتيجة النزيف الشرجي
قياس نسبة بروتين سي التفاعلي الذي يدل ارتفاعه على وجود التهابات بالجسم
تحليل البراز: نقوم بأخذ عينة صغيرة من البراز وإرسالها للمعمل لتحليلها للبحث عن نوع من البروتينات المرتبطة بحدوث التهابات بالجهاز الهضمي (كالبروتكتن)
وقد نقوم بعمل مزرعة بكتيرية بعينة البراز هذه، لاستبعاد وجود سبب آخر لالتهاب القولون كالالتهابات البكتيرية
فحص المنظار: وهي من اهم اساليب التشخيص، وهناك انواع منها نقرره حسب حالة المريض و المنطقة المصابة بالالتهاب التقرحي، وهي:
فحص المستقيم والقولون السفلي بالمنظار: وهو فحص محدود وأسهل من المنظار الكامل، حيث نقوم بإدخال أنبوب طويل ومرن، وفي نهايته كاميرا عبر فتحة الشرج، مما يساعد على تصوير المستقيم، والقولون السفلي ( ويشمل القولون النازل، والقولون الملتوي)، كما يتم أخذ عينات للتأكد من التشخيص
فحص القولون الكامل بالمنظار: هنا نقوم بفحص القولون بالكامل للتعرف على مدى الإصابة، ويمكننا كذلك أخذ عينة من أنسجة القولون للتأكد من التشخيص
المنظار الدوري (المسحي): وهو فحص لكامل القولون يجب عمله بشكل دوري لمرضى كرونز والتهاب القولون التقرحي للتأكد من عدم إصابتهم بأورام القولون أو تشخيصها في بدايتها، حيث تزداد احتمالية الإصابة عندهم بأورام القولون مع مرور السنين
تصوير الأشعة: وهي اقل اهمية في الحالات العاديّة ونستخدمها في الحالات الشديدة او عند حدوث مضاعفات، وتشمل:
تصوير الأشعة المقطعية: يتم عمل الأشعة في الحالات الحرجة أو عند احتمالية حدوث مضاعفات مثل وجود ثقب نتيجة الالتهاب الشديد
تصوير الأشعة بالصبغة: نادرًا ما نطلبها في حال عدم وضوح التشخيص، حيث يتم أخذ أشعة عاديّة بعد ضخ مادة ” الباريوم” عبر حقنة شرجية لتوضيح القولون مما يساعد على رؤيته بشكل أوضح
العلاج
يهدف العلاج بشكل عام إلى تقليل درجة التهاب القولون، مما يقلل من ظهور الأعراض المرضية لفترة طويلة، ويشمل:
علاج دوائي: تستجيب نسبة كبيرة من المرضى إلى العلاج الدوائي، ولا يحتاجون إلى تدخل جراحي، وهذه بعض الأدوية المستخدمة:
مضادات الالتهاب: هى أكثر الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب القولون التقرحي شيوعًا، وتستخدم في الحالات ذات الأعراض البسيطة، وتؤخذ إما عن طريق الفم، أو بشكل موضعي عبر حقنة شرجية، ومن أمثلتها دواء “ميسالامين”
الكورتيكوستيرويدات: ومن أمثلتها “الكورتيزون”، وتعمل على تقليل نشاط الجهاز المناعي، وبالتالي تقليل الالتهاب، وهي سريعة المفعول، ولذلك تُستخدم لفترة قصيرة فقط خاصة أنها قد تسبب أعراضًا جانبية كثيرة
المستحضرات البيولوجية: تُستخدم في الحالات متوسطة أو شديدة الأعراض والتي لم تستجيب لمضادات الالتهاب، وتعمل هذه المستحضرات على تقليل الالتهاب حيث أنها مكونة من أجسام مضادة مُصنعة معمليًا أو مركبات صغيرة، ومن أمثلتها دواء “أداليموماب”، ودواء ” جوليموماب” ودواء ” توفاسيتينيب” وهو أول دواء يؤخذ عن طريق الفم يتم اعتماده من هيئة الغذاء والدواء لعلاج طويل الأمد لالتهاب القولون التقرحي
أدوية تقلل الاستجابة المناعية: هذا النوع من العلاج يُستخدم كعلاج تثبيتي بشكل أكبر، أي أنه بعد الوصول لحالة اختفاء الأعراض، نلجأ لهذه الأدوية للحفاظ على على هذه الحالة أطول فترة ممكنة، كما أنها قد تُستخدم مع المستحضرات البيولوجية حيث أنها تُزيد من فاعليتها ضد الالتهاب، ومن أمثلتها دواء ” آزاثيوبرين”.
علاج جراحي: نلجأ للعلاج الجراحي فقط في الحالات التي تتصف بوجود مضاعفات شديدة للمرض مثل فقدان كمية كبيرة من الدم أثناء عملية التبرز بشكل مزمن، أو حدوث ثقب في القولون، وعدم استجابة هذه الحالات للعلاج الدوائي
,يشمل العلاج الجراحي انواع من العمليات حسب مكان الالتهاب التقرحي، وشدته، كالآتي:
الاستئصال الكُلي للقولون والمستقيم: مع عمل فتحة مفاغرة جراحية، حيث يجلب جزء من الأمعاء الدقيقة إلى سطح الجلد ليخرج البراز خلالها، وتكون هذه الفتحة إما مؤقتة أو دائمة. هذه الطريقة تخلص المريض من المرض بشكل كامل تقريبًا
الاستئصال الكُلي للقولون والمستقيم مع توصيل الأمعاء الدقيقة بفتحة الشرج: بعد استئصال كامل القولون نقوم بتوصيل الأمعاء الدقيقة بفتحة الشرج تقريبًا (يوصل إلى جزء بسيط جدًا متبقي من القولون). هذه الطريقة تخلص المريض من المرض، كما تبقي له طريقة التبرّز الطبيعيّة
الاستئصال الجزئي للقولون والمستقيم: حيث نقوم باستئصال الأجزاء المصابة بالالتهاب التقرحي فقط بالقولون والمستقيم، مع الإبقاء على العضلات الخارجية للمستقيم، وتوصيلها بالأمعاء الدقيقة ليستطيع المريض القيام بعملية الإخراج عبر المستقيم، وقد يكون لهذه العملية الجراحية بعض الأعراض الجانبية مثل حدوث إسهال، وكثرة التبرز عن المعتاد
للتعرف اكثر على تفاصيل طريقة التغذية السليمة للتقليل من اعراض امراض التهابات القولون التقرحي الرجاء الإطلاع على الرابط في مواضيع ذات صلة آخر المقال
– د. ماجد الماضي
استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير