- د. ماجد الماضي
- 0 Comments
أهلاً بكم في عيادتي .. سنشرح لكم هنا عن الارتجاع الحمضي من حيث أسبابه، وأعراضه، وكيفية تشخيصه، بالإضافة لطرق الوقاية منه وعلاجه.
يتسائل الكثير من المرضى عن سبب شعورهم بحرارة في أعلى البطن مع ألم خلف عظمة القص، وأن هناك كتلة أو لقمة طعام عالقة في الحلق، كما قد يلاحظون بان الأعراض تزداد عند شرب القهوة أو الشاي ، وقد تتكرر الأعراض بحيث تؤثر سلبًا على جودة الحياة، وقد يعود كل ذلك لإصابتهم بالارتجاع الحمضي.
هي حالة شائعة جدًا في العالم وعالية الحدوث في المملكة، وتصل نسبتها إلى 30% في منطقتنا، كما تصيب الأطفال واليافعين على حد سواء.
يحدث الارتجاع بسبب تسرّب الحمض والطعام من المعدة للأعلى (من المعدة إلى المريء)، وهذا ما يسبب الإحساس بالحرقان في الصدر.
قد نعاني جميعنا من الارتجاع الحمضي من فترة لأخرى وهو أمر طبيعي، لكن تكراره عدة مرات بالأسبوع ولفترة طويلة يدل على الإصابة بمرض مزمن، ولا تختفي أعراضه إلا بالعلاج المناسب.
في أغلب الأحيان، يمكن السيطرة على الأعراض بتغيير بعض عادات تناول الطعام والنوم، بشكل مشابه للسيطرة على الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط، أو يمكن استخدام بعض الأدوية ونادرًا ما يحتاج إلى الجراحة.
في الحالة الطبيعيّة…ينزل الطعام الممضوغ من الفم إلى الحلق ثم عبر المريء إلى المعدة. يوجد بين آخر جزء من المريء وفم المعدة صمام عضلي يمنع ارتداد الطعام وعصارة المعدة الحمضية بالطريق المعاكس (إلى الأعلى)؛ أي من المعدة إلى المريء. وإذا صعدت عصارة المعدة إلى المريء، يتحرك المريء بسرعة و ينزلها مرة أخرى إلى المعدة.
بناءً على ما سبق، ارتخاء هذا الصمام العضلي أو ضعفه قد يؤدي للارتداد المريئي، وتشمل الأسباب المحتملة ما يلي:
التدخين: وهو من أهم الأسباب ويشمل الشيشة والسجائر الالكترونية أيضاً
زيادة الوزن: لا نبالغ إن قلنا أنه قد يكون من أهم العوامل بعد التدخين، لأنه يزيد من الضغط على البطن والمعدة مما يساهم في الإرتجاع
بعض الأطعمة والمشروبات: مثل المشروبات الغازية والقهوة والطعام المقلي والوجبات الدسمة والشكولاتة…جميعها تضعف صمام المريئ
بعض أنواع الأدوية: مثل علاجات ارتفاع ضغط الدم و بعض أدوية الهشاشة…تضعف صمام المريئ
فتق الحجاب الحاجز: وهو صعود جزء من المعدة من التجويف البطني إلى التجويف الصدري
تناول الوجبات الكبيرة: يزيد الضغط في المعدة
الأكل و الاستلقاء مباشرة: يقلل من تاثير الجاذبيّة الذي يساهم في مقاومة صعود الطعام إلى المريئ
الحمل: بسبب ضغط الجنين على المعدة وكذلك إرتخاء الصمام
أعراض الارتجاع الحمضي
أهم وأبرز عرض هو حموضة أو حرقة المعدة يصاحبها ضيق أو ألم في الصدر والحلق، وقد تستيقظ ليلًا بسبب وصول الحمض للحلق وتشعر بطعم مرّ أو حامض قد يدفعك للتقيؤ.
تشمل بعض الأعراض الأخرى ما يلي:
- الغثيان
- حرارة خلف عظمة القص
- ألم في الصدر يزداد عند التمدد على الظهر أو الانحناء
- ألم وصعوبة عند البلع (إحساس غصة في الحلق)
- الكحة وبحة في الصوت
- الإصابة بالربو
- تلف الأسنان
التمييز بين الارتجاع الحمضي وألم الصدر
الكثير من المرضى المصابين بالارتجاع يشعرون بالخوف المستمر من تعرّضهم لنوبة قلبية بسبب التشابه الكبير بين أعراض الارتداد وأمراض القلب مثل ألم منتصف الصدر وصعوبة البلع وكثير منهم غير قادر على التفريق بين الحالتين، وهذا ينتج عنه مراجعات متكررة للطوارئ أو اختصاصي القلب، و التقييم يكون بحسب عوامل كثيرة منها العمر و عوامل الخطورة للإصابة بأمراض القلب و تستلزم مراجعة ممارس صحي للتقييم.
التشخيص
قد لا تحتاج حرقة المعدة لمراجعة العيادة، لكن عندما تتداخل أعراضك مع حياتك وتسبب لك عدم الراحة وقلة النوم، يجب مراجعتنا للبحث في أسباب الارتداد والوصول للتشخيص الصحيح.
في العادة، نكتفي بأخذ التاريخ المرضي للوصول الى التشخيص، و لكن في بعض الأحيان حينما تكون الأعراض غير نمطية أو لا يستجيب الشخص للعلاج بالشكل المتوقع من الممكن أن نطلب إجراء الفحوصات التالية:
مراقبة نسبة الحموضة في المريء: بإدخال أنبوب صغير عبر الأنف إلى المريء يحمل في نهايته أداة (حساس) قادر على قياس حموضة المريء لمدة 24 ساعة، وتحمل الجهاز معك وتقوم بالضغط عليه كلما شعرت بأعراض الارتجاع. توجد طريقة أخرى بتثبيت كبسولة في أسفل المريء تقوم بقياس الحمض لعدة أيام.
قياس ضغط عضلات المريء: يتم بشكل مشابه لقياس نسبة الحموضة ويكشف عن قوة عضلات المريء وما إذا كان هناك ارتخاء في الصمام.
تنظير المعدة: قد يظهر مدى الضرر الذي تسببه عصارة المعدة على المريء حيث تسبب التهابات في المريئ، وفي الحالات المزمنة يجب عمل المنظار بإنتظام للتاكد من عدم الإصابة بتغيرات في انسجة المريئ. ويمكن من خلال المنظار الحصول على خزعة من أنسجة المريء أو المعدة
صورة ملونة للمريء والمعدة: يتضمن الفحص شُرب مادة خاصة تساعد في توضيح مظهر أنسجة المريء والمعدة ثم إجراء صور متعددة بالأشعة السينية للكشف عن اختلال بُنية أو وظيفة الصمام المريئي. هي طريقة قديمة و توجد طرق أكثر دقة و فعالية. في العادة ليس هناك داعي لاختبار الصبغة و الاشعة لتشخيص الإرتجاع إلا في حالات ضيقة.
المضاعفات
خطورة الارتداد تتمثل بتعرض المريء لحمض المعدة لفترات طويلة، حيث أن المريء غير مؤهل من الناحية التركيبية للتعامل مع حمض المعدة، مما يرفع من احتمالية الإصابة بالمضاعفات التالية:
- نزيف وألم شديد في الصدر نتيجة قرحة المريء
- صعوبة البلع نتيجة تضيّق المريء
- دخول الغذاء المرتجع من المعدة إلى مجرى التنفس مما يؤدي إلى التهاب الصدر المتكرر
- التهاب المريء بسبب الارتجاع قد يسبب سرطان المريء (نادراً)
- ضعف بُنية الأسنان وتآكلها
طرق العلاج
يتشابه علاج الارتداد المريئي مع علاج القرحة ، ولمعرفة المزيد عن موضوع القرحة يرجى اتباع الرابط في قسم مواضيع ذات صلة
إذا لم تساعدك التدخلات السابقة على تخفيف حموضة المعدة والارتجاع، يكون الحل باستخدام علاجات الحموضة مثل:
- مضادات الحموضة: وهي أدوية قادرة على معادلة أحماض المعدة، وميزتها أنها سريعة في المفعول ومتوفرة بكثرة في الصيدليات وآمنة للاستخدام وفعالة في علاج الأعراض الخفيفة، لكن يعيبها أنها لا تعمل لمدة طويلة وقد تسبب الإسهال أو الإمساك. لذلك، ننصح باستخدامها قبل تناول أدوية تقليل إفراز حمض المعدة لأنها تساعد في تخفيف الأعراض لحين بدء مفعول الأدوية الأخرى
- أدوية مثبطة لإفراز حمض المعدة: وأشهرها والأكثر استخداماً هي مثبطات البروتونات ( ايزاوميبرازول و بنتوبرازول و دكسالانزوبرازول و أسماء أخرى)، وتتميز بكونها أكثر فعالية وتوفر حماية تدوم لفترة أطول ويجب تناولها في فترات محدد خلال اليوم وقبل تناول الطعام بنصف ساعة. أما مثبطات مستقبلات الهيستامين (رانيتيدين، فاموتيدين) فقد قل استخدامها لأن فعاليتها أقل
إذا كان هناك استجابة للدواء، فسنحاول تقليل الدواء و إيقافه بشكل تدريجي لأقل جرعة ممكنة
الوقاية من الارتجاع الحمضي
لحسن الحظ، الارتجاع واحد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها وتقليل أعراضها بفعالية باتباعك حمية غذائية بسيطة وعدد من الارشادات التي أنصح بها جميع الأشخاص الذين يعانون من حرقة المعدة بشكل عام وارتداد المريء بشكل خاص وتشمل:
- عدم تناول الطعام قبل موعد النوم بساعتين إلى ثلاث ساعات على الأقل
- التقليل من الأطعمة والمشروبات المحفّز للارتداد مثل القهوة والشوكولاتة والأطعمة الدهنية والمشروبات الغازية
- تقسيم الوجبات إلى عدة أقسام صغيرة بدلًا من تناول كميات كبيرة دفعة واحدة
- عدم الاستلقاء على الظهر بعد تناول الطعام مباشرة
- قد يساعد النوم على الجهة اليسرى في منع الارتداد
- تخفيف الوزن بالنسبة للمصابين بالسمنة
المسار الطبيعي للمرض
معظم المرضى يستجيبون بشكل جيد للعلاج بالأدوية لكن الكثير منهم تعود إليهم الأعراض بعد التوقّف عن تناول الأدوية وقد يحتاجون للاستمرار عليها لفترات طويلة.
– د. ماجد الماضي
استشاري الجهاز الهضمي والكبد والمناظير